ليس من السهل تعلم فن التجاهل الذكي وممارسته في حياتنا اليومية, هذا لأن التجاهل في كثير من الحالات يعني الابتعاد عن مواقف معينة وحتى أشخاص معينين.
لذلك نحن نواجه عملاً يتسم بشجاعة حقيقية، يسبقه دائمًا تمييز ذكي, لكن كيف نتقن فن التجاهل بذكاء؟ كيف نستطيع التمييز بين ما يضر فنتركه, وبين ما هو خير لنا فنتشبث به؟
تعلم فن التجاهل الذكي
قد نكون سعداء في مرحلة ما، ولكن في معظم الأحيان يعتمد الأمر على أنفسنا وعلى القرارات التي نتخذها.
أن تكون سعيدًا هو فن, ولتعلم كذلك أنه اختيار شخصي, لذلك اعرف كيف تحدد الأولويات، لأنه من الضروري إعطاء كل شيء من حولنا قيمته الحقيقية.
ليس فقط الحصول على منظور أكثر إيجابية للأشياء، ولكن أيضًا نظرة أكثر واقعية، حيث ستكون معرفة الذات واحترامها دائمًا أمرًا أساسيًا.
يمكن أن تتجسد أولوياتنا في شكل هرمي, تبدأ برضى ربنا, وتنتهي بالتجاهل الإيجابي في شكل رسالة مفاده, “اتركوني وشأني, أنا لا أسمعكم أنا لا أراكم”.
لكن كيف يمكننا تحديد الأولويات ؟
تعلم ترتيب الأولويات
إذا كان من الصعب علينا الاختيار بين ما هو مهم وما هو غير مهم، فذلك لأن لدينا صراعًا داخليًا بين ما نريد وما نعرف أنه مفيد لنا, وبين الخوف من قطع العلاقات.
- الحياة أقصر من أن تغذينا بالمرارة والإحباط, لم نخلق لذاك, نحن في اختبار, لا تذرف دموعك، وتجاهل النقد الهدام، وأحِط نفسك بمن يهمك أمره ويساهم في تقدمك نحو الأفضل.
- كلما ارتفع مستوى التوتر والقلق، زادت تكلفة تحديد الأولويات, لذا فكر في المواقف والأشخاص ذوي القيمة الحقيقية, وتعامل بسطحية مع دون ذلك.
- إنَّ تجاهل شخص ما ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب الكثير من الصبر وقبل كل شيء ضبط النفس, لذلك تعلم الذكاء العاطفي فله علاقة كبيرة بهذه العملية برمتها.
- فكر في ما هو مهم بالنسبة لك وليس للآخرين(مما لا يخالف إيمانك وعقيدتك)، ولا تخف مما قد يفكرون به بسبب القرارات التي تريد اتخاذها.
- افهم أن تحديد الأولويات لا يعني مجرد تجاهل ما يؤلمنا، بل هو إعادة ترتيب حياتنا لإيجاد مساحاتنا الشخصية لنكون سعداء, من المهم أن تحب الآخرين, لكن ابدأ بنفسك لتستطيع نشر ذلك الحب.
- كن أكثر ذكاءً عندما يبحث شخص ما عن نوع من المواجهة، التجاهل في هذه اللحظات حكمة, لا تستمع إليه، ولا ترد على هجومه اللفظي بالمثل, صن لسانك, وترفع وأظهر عدم المبالاة.
- يجب أن نفضل الجودة على الكمية, فمن الأفضل أن يكون لديك القليل من الأصدقاء، ولكن لديهم قلب كبير ويدعمونك في جميع قراراتك، والذين يحاولون المساعدة بدلاً من تدميرك.
تجاهل الأفكار السلبية ومارس التجاهل الإيجابي
تتمثل إحدى طرق إثبات الذكاء في تعلم تجاهل أي أفكار لا تستحق أن تغمر تفكيرنا, مارس فن التجاهل الإيجابي:
لا يعني التجاهل أن نتخلى عن التفكير، ولكن هناك أفكار من خلال إهمالها، ستجعلنا أكثر سعادة مما لو انتبهنا لها.
- ابتعد عن المقارنات غير مجدية, نحن مختلفون, لذا فإن مقارنة نفسك بالآخرين وأنت لا تملك ما يملكون مثلا, أمر لا طائل منه.
- لا تفكر في الهموم التي لا أساس لها والتي تشغل وقتك وأفكارك, يقلقك كوكب سيصطدم بالأرض! فكر بشأن ما يستحق القلق حقًا, واترك الباقي على الله! فليس كل شيء سيئا كما تعتقد فعساه خير.
وكما يقال (لا تأسفن علي الدنيا وما فيها فالموت لاشك يفنينا ويفنيها).
- نعتقد أحيانًا أننا غير مؤهلين، لكن هذا لأن الآخرين جعلونا نعتقد ذلك للتلاعب بنا, لا تسقط في هذا الفخ، وحرر نفسك من هذه الأفكار الزائفة والأمور التي لم ترتكبها من الأساس.
- تعلم أن تثق بنفسك، وتعلم الاستماع إلى حوارك الداخلي, لأنه إذا كنت تعرف نفسك جيدًا، فلن يتمكن أي رأي خارجي من التأثير عليك.
اقرأ, تعلم, تثقف, واسعى للعمل بجد, وابني شخصيتك بالعلم والتعلم, لا بالزيف.
- اكتشف مصدر الأفكار السلبية, قد يكون منبعها أخبار, أشخاص, معلومات غير دقيقة, أوهام وخزعبلات…ابتعد عنها ليرتاح بالك.
تجاهل الناس السلبيين
تعلم فن التجاهل الذكي بالابتعاد عن أولئك الذين لا يجلبون لك شيئًا, يمكن القيام بذلك بأمان, دون الحاجة إلى التصرفات غير الضرورية, من انفعالات وتوترات.
لتتقن فن التجاهل الذكي فكر في هذه النقاط بجدية:
- لا تقلق بشأن ما لا يمكنك تغييره, هناك العديد من الأشخاص الذين لا يمكن تغييرهم ولكننا مجبرون بالتعامل معهم, قم بما يتوجب عليك واجعل ردودك مختصرة.
- تجاهل النقد من الآخرين بزيادة ثقتك بنفسك, ورفع مردودك الفكري, عليك أن تفهم أن ما يقوله الناس عنك لا يجب أن يحدد هويتك, ومن تكون.
- افرح بكل خطوة تخطوها متحررا من أولئك الذين يؤذونك, إنه انتصار شخصي حين تمحو ماض سيئ مع مجرد نكرة, مارس اللامبالاة معهم.
- من المهم أن نتعلم التمييز بين الأشخاص من حولك, هناك أشخاص يرددون مرارًا وتكرارًا: “أنا أفعل هذا من أجلك”، بينما في الواقع أنت ورقة رابحة لا غير وحين تصبح غير ذلك, أنت غير موجود.
بينما بالمقابل هناك من يستحق حبك, واهتمامك, فلا تمارس التجاهل السلبي.
- تخلص من الأشخاص الذين، يتسببون فقط في المعاناة, الإحباط, السلبية…, خفف وزنك واعمل على فلترة من حولك.
- من فنون التجاهل التوقف عن الشعور بالندم عند قول “لا” لشخص لم يكلف نفسه يوما عناء قول “نعم” لك.
- من الجيد أن نتوقف عن أنانيتنا ونستمع ولا نحتكر الحديث, لكن ماذا لو كان الآخر هو من يمارس ذلك؟ لا تلقي بالا له, بل وحسسه أنك غير مهتم, ماذا تنتظر.!
- هناك أشخاص سامون يلوثوننا وينتهي بهم الأمر بجعلنا مرضى بسبب طاقاتهم وعواطفهم السلبية, وطلباتهم الغير منطقية, هل تعرف كيف تغير هذا؟ بتجاهلهم لتكون سعيدًا.
ما الحكمة من التجاهل؟
الكثير من ضغوط الحياة اليومية والالتزامات ناتجة عن مخاوف غير ضرورية اعتدنا على معايشتها, سيكون من الحكمة تجاهلها, لكن ماذا نستفيد من ذلك؟.
تجاهل الناس أمر صحي
علميا، فإن العلاقات الشخصية التي تسبب لنا التوتر أو المعاناة تؤثر على صحتنا العقلية.
فقد أثبتت الدراسات* أن ارتفاع هرمون الكورتيزون الذي يسببه التوتر, يزيد من نسبة الكوليسترول في الدم والدهون الثلاثية وسكر الدم وضغط الدم.
لا يستحق الأمر كل هذا العناء, تغاضى عن سفاسف الأمور, لتنعم بصحة نفسية وجسدية جيدة.
تعلم فن التجاهل الذكي لتعيش بسعادة
كلما فكرنا أنه من الضروري المضي قدمًا دون الكثير من الإلهاءات للاستمرار في الشعور بالسعادة ، كلما تقدمنا أكثر, واستطعنا الاستمتاع بالحياة.
عندما نعتاد على قول “لا” لهذه الأنواع من الناس, و”نعم” لأنفسنا، تبدأ نوعية حياتنا في التغير بشكل كبير, نحو الأفضل.
التعامل بسطحية مع الأمور الغير مهمة في كثير من الأحيان, يمكن أن يكون علامة على احترام الذات, بل وسمة من سمات النضج والبلوغ الفكري.
تجاهل ما لا يعنيك يحسن من حياتك
ليس بالضرورة تجاهل السيئين فقط, تعلم فن التجاهل بتركك مالا يعنيك, لا يوجد أبلغ من هذا الحديث, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ”. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ،
القلق بشأن المشاكل التي لا تخصك حقًا وإشغال عقلك بهذه الاهتمامات المختلفة لن يؤدي إلاّ إلى حالة من التوتر والقلق يصعب القضاء عليها.
لا تضيع الوقت في النزاعات التي لا تهمك كثيرًا, إن لم تكن باليد حيلة, فلما تصر على تعكير مزاجك!
التجاهل الذكي أسلوب حياة
يمكن للمرء أن يُقدِّر الحياة أكثر إذا عرف ما هي الأفكار, والأشخاص, وحتى التعليقات التي لا يجب أن يخوض فيها.
لكن انتبه؛ ليست المعرفة أو الخبرة من تجعل من الشخص حكيما، بل من يعرف كيف يستخدم كل ما يتعلمه بحكمة ويستمر في العمل بها.
كل من كان قادرا على تجاهل كل ما هو غير مفيد، كل ما لا يسمح له بالازدهار والتقدم, ويجعله أسلوب حياة, هو بالتأكيد شخص حكيم.
ككائن ذكي يجب أن تدرك أنه ليس كل شيء بالأبيض والأسود, يمكنك رؤية الشمس في سماء رمادية والعيش بتفاؤل.
وتذكر أن المشكلة تأتي دائمًا بحل, فكر بالحلول الناجعة, أفد واستفد وتعلم فن التجاهل الذكي واجعله أسلوب حياة لتنعم بالسكينة والهدوء.
مصدر الدراسة *: rochester